روحانيات مشتركة بين شرق وغرب آسيا

"الخلقُ كلُّهم عيالُ الله"

المدينة المنورة - الخميس 1 سبتمبر 2011 /بان اورينت نيوز/

بقلم الأديب محمَّد بشير على كردي- خاص لوكالة بان اورينت نيوز

بُنَيَّتي، وقد لاقى لديها هوًى حديثي المتكرِّر عن الشرق الأقصى عمومًا، وعن اليابان خصوصًا، وتشديدي على إعادة بناء "البيت الآسيوي" من أجل حياة كريمة لشعوبه تعيد لهم جميل ما قدَّمه أجدادهم للحضارة من قيم ومفاهيم، أخذت تسأل عن أوجه التلاقي الروحانيَّة – كما عشتها خلال سنوات عملي الدبلوماسي في اليابان - التي تجمع بيننا نحن في أقصى غرب القارَّة، وهم في أقصى شرقها!

هنا إيمان بالله الواحد الأحد، هناك أمَّة معظم أفرداها يعبدون بوذا وقد نحتوا تماثيله بأيديهم. هنا توجد كلُّ مقدَّسات المؤمنين بالديانات السماويَّة، وجبل عرفات غنيُّ عن التعريف، وهناك يقدِّسون جبل فوجي، المطلَّ على عاصمتهم طوكيو بكلِّ كبرياء وقد اعتمر عمَّته ناصعة البياض! فكيف تلتقي روحانيًّا نفوسنا ونفوسهم لنبني فيما بيننا جسورًا من الأخوَّة والمحبَّة الخالصة التي تنادي بها الديانات السماويَّة؟

أجبتها مُستشهدًا بنصِّ الآية الكريمة في سورة الحُجرات: ﴿ِيَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذّكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوْبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيْمٌ خَبِيْرٌ﴾، وبما جاء في الأثر عن رسولنا الكريم محمَّد صلَّى الله عليه وسلم: "الخَلْقُ كُلُّهُمْ عِيَالُ اللهِ، وَأَحَبُّ الخَلْقِ إِلَى اللهِ أَحْسَنُ النَّاس إِلَى عِيَالِهِ." وأنَّ "أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ." هذا هو جوهر الروابط الروحانيَّة التي تجمع بين بني البشر.

ولأنَّ للهِ في خلقه شؤون، فقد اقتضت حكمته تعالى أن يرسل لكلِّ أمَّة رسولاً. ولم يرسل رسولاً للبشريَّة قاطبة إلاَّ محمَّدًا صلَّى الله عليه وسلَّم. واقتضى عدله ألاَّ يُعذِّب أحدًا من الخلق إلاَّ بعد أن تقوم عليه الحجَّة، لقوله تعالى في سورة الإسراء: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِيْنَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً﴾، وفي سورة فاطر: ﴿وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلا فِيْهَا نَذِيْرٌ﴾.

لذا، نجد في التعاليم الروحانيَّة لدى أمم الشرق الأقصى وشعوبه ما يتَّفق مع إسلامنا من قيم ومبادئ. ومَن يدري ما إذا كان بوذا أو مَن أخذ عنه بوذا مبادئ رسالته "رسولاً" من عند الله ولم يذكره القرآن الكريم بالاسم!

أطرقت بُنَيَّتِي برأسها لثوانٍ، وعادت لتؤكِّد كلامي بقولها إنَّها قرأت ترجمة لمقالٍ * نشرته مجلَّة "سينن مانغا" اليابانيَّة عن مجموعة قصص بعنوان: "شبَّان قدِّيسون" زيَّنها بريشته الرسَّام هيكارو ناكامورا، تصوِّر لقاءات خياليَّة تمَّت بين السيِّد المسيح وقد عاد إلى الأرض وبين بوذا، اتَّصفت بالمودَّة وروح الفكاهة والدُّاعبة.

لاقت هذه المجموعة رواجًا كبيرًا، إذ بيع منها 2.6 مليون نسخة، الأمر الذي يدلُّ على تقبِّل مبادئ الطرف الآخر وعقيدته واحترامها، والرغبة الصادقة عند اليابانيِّين في الانفتاح على الديانات الأخرى من أجل سلام العالم، ونشر الحبِّ والتعاون بين أبنائه. وتمنَّت على دور النشر العربيَّة ترجمة هذه الأعمال لتعمَّ الفائدة منها، وتوثِّق عرى التوادد والتواصل بين الشعوب والأفراد.

الصورة: الأديب محمَّد بشير علي كردي/ سفير المملكة العربية السعودية سابقاً في اليابان



* الخبر نشرته بان أورينت نيوز في الرابط التالي

http://www.panorientnews.com/news.php?k=1128


بان اورينت نيوز



فنون وثقافة