النص الكامل لبيان السلام من مدينة هيروشيما: الأسلحة النووية هي الشر المطلق

طوكيو- الاربعاء 6 أغسطس 2016 / بان اورينت نيوز

فيما يلي ترجمة غير رسمية لنص بيان السلام الصادر يوم الأربعاء (6 أغسطس) عن عمدة مدينة هيروشيما اليابانية كازومي ماتسوي خلال مراسم الذكرى التاسعة والستين لإلقاء القنبلة الذرية على مدينته:

يعيدنا هذا اليوم الصيفي بشمسه الحارقة 69 عاما الى الوراء "الى ذلك اليوم" في 6 أغسطس 1945. قنبلة ذرية واحدة على هيروشيما حولتها الى سهل محترق وفَقَدَ عشرات الآلاف من المدنيين الأبرياء، من الرضع الى كبار السن، حياتهم في يوم واحد. وبنهاية السنة لقي 140.000 إنسان مصرعه. وكي تبقي تلك القضية في الذاكرة لاننساها، وتجنبا لتكرار تلك المأساة، نرجوكم أن تسمعوا مايقوله الناجون.

لقد قتل تقريبا في ذلك الوقت حوالي 6.000 من الفتيان والفتيات الصغار تحت الأنقاض. وقال أحد الناجين الهيباكشا (تسمية يابانية للناجين من هيروشيما وناغازاكي) وكان عمره في ذلك الوقت 12 عاما طالباً في المرحلة الإبتدائية انه لغاية الآن يحمل ندوب الحرب على جسده وفي قلبه. فقد قتلت القنبلة كل زملائه على الفور. ويشعر بالحزن الشديد عندما رأى كيف ضاعت حياة كانت تنتظر أصدقائه ونجا بمفرده. إنه مازال يعاني من جروح جسدية ونفسية حادة.

وما زالت أصوات من كانوا على حافة الموت ويصرخون "أرجوكم نريد الماء" عالقة في ذاكرة فتى آخر كان عمره آنذاك 15 عاما وطالباً في المرحلة الإعدادية. كانت تلك المناشدات تأتي من أطفال صغار عالقين تحت أنقاض الأبنية. ان رؤية حروقهم الشديدة ووجوههم المنتفخة بشكل غريب واحتراق الحاجبين والرموش، وبذلاتهم المدرسية التي أصبحت مهلهلة نتيجة الحرارة العالية، دفعت هذا الشاب الى الإسراع في الاستجابة لطلبهم ولكن تم منعه حيث قيل له "إنْ أعطيتَهم الماء في حالتهم تلك، ستتسبب في موتهم". ولو كان يعلم بأنهم في طريقهم الى الموت على كل الأحوال كان قَدمَ لهم كل المياه التي أرادوها. ولا يزال الأسى يعتصر قلبه لغاية الآن.

ونادرا ما يتحدث الأشخاص عن ذلك الماضي بسبب تجاربهم المروعة، ولكنهم الآن بعد أن بلغوا من العمر عتياً، أرادوا إطلاق ماكان يعتمل منحبساً في داخلهم. وقال "احد أيتام القنبلة الذرية" بأنه "يريد ان يُعلم الناس مدى القسوة الحقيقية للحرب". وتحدث عن أطفال مثله عاشوا في مدينة الرماد وناموا تحت الجسور وفي زوايا المباني المحترقة وفي الملاجئ ولا يملكون شيئا سوى ملابسهم.. وقاتلوا وحتى سرقوا ليحصلوا فقط على مايقيم الأود من الطعام. ولم يذهبوا الى المدرسة وحاولوا النجاة يوماً بيوم وعملوا لحساب رجال العصابات.

وقالت سيدة كانت تبلغ من العمر آنذاك 6 سنوات حيث تأرجحت بين الحياة والموت واستطاعت النجاة لكنها عاشت صراعا دائما مع الخوف ومع تأثيرات الإشعاع، "سأفضي مشاعري الآن لأني لا أريد ان يمر أي شاب بهذه التجربة". وبعد تواصلها مع ضحايا الحروب من غير اليابانيين تركز الآن على التعريف بأهمية تكوين صداقات بين الشباب حول العالم" و"السعي الدائم لبناء ثقافة السلام لا ثقافة الحرب".

انه "لشر مطلق" ان يحرم الأطفال من حب أسرهم ويفقدون أحلام المستقبل وان تغرق حياتهم في حالة في الفوضى ويصبحوا عرضة للتهديدات والقتل والتعرض للقتل. ان القوة العسكرية تولد فقط الكراهية. وللقضاء على الشر يجب علينا تجاوز فروقات الجنسية أو العرق أو الدين وغيرها من الاختلافات وان نعطي الأهمية للعلاقات الإنسانية وبناء عالم ينشد للحوار.

إن هيروشيما توجه دعوة إلى العالم بقبول رغبة الهيباكشا والناجيين من الحروب والتعاون معهم لإلغاء الأسلحة النووية وإحلال السلام في العالم. وللتأكد بأن مآسي هيروشيما وناغازاكي لن تحدث أبدا مرة ثانية يجب التواصل والتخطيط والعمل معا ومع من نجا كي نصل الى عالم سلمي خال من الأسلحة النووية وبدون حروب، فيستطيع كل إنسان المساعدة في تحديد مستقبل الأسرة البشرية وعليه ان يضع نفسه مكان الهيباكشا ويحاول ان يتخيل ما شهدوه خلال ذلك اليوم الهارب من أعماق الجحيم وبأن ذلك قد يحدث بالفعل له أو لعائلته.

وسنبذل قصارى جهدنا. تجمع "عمداء السلام"، الذي يضم الآن 6200 مدينة في عضويته، سيعمل مع المدن الرئيسة التي تمثل التجمع في كل أنحاء العالم وبالتعاون مع منظمات غير حكومية والأمم المتحدة لنشر الحقائق عن قصف هيروشيما وناكازاكي ونقل رسالة هيروشيما. وسنمضي بثبات في دفع التحرك الجديد مشددين على توضيح الكوارث الإنسانية التي تسببها الأسلحة النووية والسعي لحظر هذه الأسلحة. سنساعد على تعزيز النداءات الشعبية في كل أنحاء العالم لبدء المفاوضات المتعلقة بمعاهدة الأسلحة النووية وبهدف إزالة كاملة لهذه الأسلحة بحلول عام 2020".

لقد دعا بيان هيروشيما الذي صدر في شهر ابريل الماضي خلال الاجتماع الوزاري "لمبادرة نزع التسلح وعدم الانتشار" صناعَ القرار في العالم لزيارة هيروشيما وناغازاكي. وطلبنا من الرئيس اوباما وجميع زعماء الدول المسلحة نوويا تلبية هذه الدعوة لزيارة المدن التي قصفت في اقرب وقت ممكن لرؤية ما حدث بأم أعينهم. وإذا زرتم هيروشيما وناغازاكي لابد أن تقتنعون بأن الأسلحة النووية هي الشر المطلق الذي لم يعد من الممكن السماح بوجوده. نرجوكم بأن تتوقفوا عن استخدام هذه التهديد اللاإنسانية لتلك الأسلحة الشريرة للدفاع عن بلادهم. وبدلا من ذلك عليكم استخدام كل مواردكم الخاصة لبناء نظام امني جديد قائم على أساس الثقة والحوار.

ان اليابان هي الدولة الوحيدة التي قصفت نووياً، ولأن الوضع الأمني في غاية يتوتر بشكل متزايد ولهذا السبب حصراً يجب على حكومتنا أن تدرك حقيقة أن اليابان تجنبت الحروب لمدة 69 عاماً وهذا كان بفضل السلمية النبيلة للدستور الياباني. ويجب على اليابان ان تستمر "كأمة السلام" قولا وفعلا والعمل مع البلدان الأخرى لبناء نظام امني جيد. ويتعين على اليابان خلال مؤتمر مراجعة معاهدة منع الإنتشار في العام المقبل سد الثغرة بين الدول التي تمتلك الأسلحة النووية والتي لاتمتلكها لتعزيز نظام عدم الانتشار. بالإضافة الى ذلك نطلب من الحكومة توسيع "مناطق المطر الأسود" عن طريق تأمين مساعده أكثر وإظهار التعاطف مع هيباكوشا وجميع اؤلئك الذين يعانون من أثار الإشعاع.

ومن هذه المدينة نقدم خالص العزاء لأرواح أولئك الذين قضت عليهم القنبلة الذرية ونتعهد بالتعاون مع كل من يسعى من البشر في جميع أنحاء العالم لإلغاء الشر المطلق المتمثل بالأسلحة النووية، وتحقيق السلام العالمي الدائم

بان اورينت نيوز



سياسة