قوس قزح: صوليست الكمان المتفرّد لؤي عبد العزيز يتحدث إلى الفاتح ميرغني

" اهتم جدا بعكس التنوع وروح المودة الكامنة في دواخل الشعب السوداني"

خاص بان اورينت نيوز/ أبوظبي

على الرغم من حداثة تجربته الموسيقية، إلا أنه في فترة قصيرة أصبح عازف الكمان الاول، والصوليست المتفرّد في فرقة عملاق الغناء السوداني محمد الامين.. أحب آلة الكمان فبادلته حباً بحب، فدانت اوتاره لأنامله وتثنى القوس بين يديه راقصا، وجاءت ما بين قوسه وأنامله أعذب الألحان. إنه الموسيقار لؤي عبد العزيز.

الفاتح ميرغني: استاذ لؤي انت احد الشباب المميزين والمجتهدين في عزف آلة الكمان، ويقال انك اصغر عازف علي هذه الآلة في فرقة الاستاذ محمد الامين، أنت الأصغر لكنك الأمهر في الاداء التكنيكي لهذه الآلة .. أرجو أن تحدثنا عن سر هذا التميز والتفرد.

الموسيقار لؤي عبد العزيز: أولا، لك جزيل الشكر أخي العزيز استاذ الفاتح على هذا الإطراء.انا بالفعل أصغر موسيقي في الفرقة عامة. ولا اقول الأمهر، ولكن هذا محور جيد للحديث عن علاقة العازف مع آلته، خاصة الكمان.. واقول أن حُب الآلة هو الأساس، وكلما كانت العلاقة بين الموسيقي وآلته قوية، كان الابداع نتاج طبيعي لهذه العلاقة.

الفاتح ميرغني: انت ايضا مؤدي منفرد بارع علي الة الكمان وايضا صولست لايشق له غبار هل لديك مؤلفات خاصة، وماهي اسماء مقطوعاتك الموسيقية، إن وجدت؟

الموسيقار لؤي عبد العزيز: نعم لدي مقطوعات خاصة مؤلفة خصيصا لآلة الكمان، وهي مؤلفات على ايقاعات سودانية محلية، بعض اسماء هذه المقطوعات: بت من الشمال، حنين، حلفا، الصرخة الجراري. كما لدي عدد من المقطوعات التي لم اسمها بعد، لكن جميعها يحتوي على فكرة واضحة ورؤية...

الفاتح ميرغني: هل تعالج مقطوعاتك قضايا معينة؟

الموسيقار لؤي عبد العزيز احرص دائما على تحميل مقطوعاتي مضامين مهمة اهمها عكس الصورة الجمالية للتراث ولكن برؤية عصرية، كما اهتم جدا بعكس التنوع وروح المودة الكامنة في دواخل الشعب السوداني.. لذلك مقطوعاتي هي رسائل جمالية وتوثيق للجمال بأشكاله المختلفة في المجتمع السوداني.

الفاتح ميرغني: يقال أنك ايضا ملحن بارع. هل لحنت لبعض الفنانين؟

الموسيقار لؤي عبد العزيز: نعم لدي تجارب لحنية متعددة، وليست عديدة ولكني في حقيقة الامر لا أميل لتلحين الاغاني كثيرا وأفضل تلحين الاغاني أكثر لأنها عنصر مهم وتحتاجه الساحة أكثر من الغناء.

الفاتح ميرغني: الكونسرت او الحفل الموسيقي البحت واحيانا علي الة الكمان فقط. انت من مشجعي الحفل الموسيقي او كما يقال لها في السودان المنتدي او الليلة الموسيقية شوهدت كثيرا وانت تقيم مثل هذه المنتديات وتعرف بالة الكمان تحدث لنا قليلا عن هذا النشاط الذي تقوم به؟

الموسيقار لؤي عبد العزيز: حرصت جداً منذ سنوات على اقامة أنشطة موسيقية متخصصة فكان ركن الكمان الذي اقدمه منذ اربع سنوات بشكل منتظم بهدف تعريف الناس بهذه الآلة وامكانياتها منذ بداية المدرسة الوترية في السودان وحتى الآن. كما نعمل من خلال هذا المنتدى على رفع نسبة الوعي الموسيقى وتحويل الموسيقى إلى اسلوب حياة وليس مجرد ترفيه واستماع، وقد نجحت الفكرة نجاح كبير في رفع درجة الوعي الموسيقي لدى جمهور المنتدى الكبير بدرجة ملحوظة والحمد لله.

الفاتح ميرغني: قلت في " ركن الكمان" ان ثقافتنا الموسيقية مرتبطة بالغناء. كيف يمكن ،في تقديرك، إثراء الثقافة الموسيقية البحتة بعيدا عن الغناء؟

الموسيقار لؤي عبدالعزيز: كما ذكرت لابد من التدرج في ذلك، ويُمكن أن يقدم الناس موسيقى أغنيات أولا ومن ثم اصدار مؤلفات جديدة.

الفاتح ميرغني: بإستثناء تجربة فرقة السمندل، وهي تجربة لم يكتب لها الاستمرارية، لم نشهد قيام فرقة موسيقية بحتة وأيضا ما زالنا نفتقر لاوركسترا سيمفوني. في تقديرك ما هو السبب؟

الموسيقار لؤي عبد العزيز: نعم هناك قصور كبير في هذا الجانب، وهناك عدد قليل من هذه الفرق، ولكن... أعتقد يتوجب علينا احداث نوع من الانتقال السلس بالجمهور من ثقافة الغناء إلى ثقافة الموسيقى البحتة، وهذا يحتاج إلى انتاج متدرج وايضا لا ننسى، اخي الفاتح، أن الموسيقى البحتة تحتاج إلى مسارح مختلفة من حيث الصوت والديكور واسلوب العرض والاضاءة وذلك لتفعيل خيال المستمع وهذا ما ينقص الموسيقى البحتة، وعدم توفر المُعينات هو السبب الرئيس في تعثر قيام مثل هذه الفرق والانشطة.

الفاتح ميرغني: ان معظم الفنانين الكبار لازالوا يحتفظون بشكل الاوركسترا الكبير ومنهم الفنان محمد الامين وصلاح بن البادية وابو عركي البخيت وإخرين. لكن هنالك ظاهرة جديدة في الموسيقي السودانية وهي تصغير الاوركسترا بل شبه القضاء عليها باستخدام اربعة، أو ستة عازفين، وأحياناً اقل من ذلك. إلى ماذا تعزي هذه الظاهرة وهل تصب في مصلحة الفن السوداني؟

الموسيقار لؤي عبد العزيز: ظاهرة الفرقة الموسيقية المصغرة هي دليل على فقر المحتوى اللحني وخلوه من الجمل التعبيرية التي تعتمد في الاساس على التكوين النغمي الذي تشكله الفرقة الموسيقية التي تحتوي على آلات مختلفة من حيث الصوت والتكنيك. وهذا بالتأكيد يدل على تدني واضح.

الفاتح ميرغني: تفرّدت بعزف الصولات المتميزة في عدد من اغنيات الفنان محمد الامين، على سبيل المثال لا الحصر، "بتتعلم من الايام"، و "زورق الالحان... و "سوف ياتي".. و "طائر الاحلام"... إلخ. ماذا يعني لك ذلك؟ وهل هناك صولة معينة تشعر انها اكثر قرباً إلى وجدانك من الاخريات؟

الموسيقار لؤي عبد العزيز: لا بد من الحديث عن الصولو لدى الموسيقار محمد الامين، إذا تابعت، تجد أن صولو الكمان في أغنياته مؤلف قائم بذاته ولكنه من جنس العمل.. ولو لاحظت مكان او موقع الصولو داخل الأغنية، تجدها دائما في ذروة القصيدة، مما يدل على شاعرية الموسيقار محمد الأمين، فكأنما يكمل بها نصا شعريا.
أما بالنسبة لي، أحب صولو إلي هي: الحب والظروف.

الفاتح ميرغني: من خلال عملك مع كبار الفنانين، وهم بالضرورة يعبرون عن مدارس موسيقية مختلفة، ماذا تعلمت منهم أو ما الذي استفدته من خلال تلك التجارب؟

الموسيقار لؤي عبد العزيز: تجربتي مع الفنانين بالتأكيد اضافت الكثير وشكلت مخزوناً لحنياً، وايضا اكتسبت من تلك التجارب مهارات عديدة من خلال التنوع في المدارس اللحنية، وأتاحت لي ايضا تنفيذ جُمل مختلفة باختلاف مدارس التاليف الموسيقي، فكل ذلك أسهم بشكل كبير في تشكيل وتكوين شخصيتي الموسيقية.

الفاتح ميرغني: قال عازف الكمان المتفرد جهاد عقل: " الكمان آله رياضية إذا تركتها يوما تركتك شهرا". ما رايك في هذا الوصف؟ وكيف تتمرن على هذه الآله الساحرة؟

الموسيقار لوي عبد العزيز: آلة الكمان مثل الأنثى .. متمردة ولا تحتمل الهجر، ولا بد من إنشاء علاقة خاصة بها، هذا على الصعيد المعنوي. عملياً هذه الآلة ( Fretless) اي ليس بها مسافات تحدد الحروف مثل الجيتار كما تعلم، لذلك تحتاج إلى تمارين متواصلة لدقة اصدار الاصوات.

الفاتح ميرغني: هل تطمح لتكوين فرقة موسيقية في المستقبل، خاصة بك ، كما يفعل المشاهير في عزف الكمان؟

الموسيقار لوي عبد العزيز: نعم لدي فرقة موسيقية مصغرة ونقدم حفلات موسيقية متعددة ولنا خطط عديدة ،ونسأل الله التوفيق.

الفاتح ميرغني: يا ترى ما هو السبب في عدم ذيوع صيت الاغنية السودانية عالميا؟

الموسيقار لوي عبد العزيز: كانت الاغنية السودانية فيما مضى واضحة المعالم ولها روح واسلوب متفرد برغم اختلاف مدارسها، ولكنها اليوم اصبحت بلا هوية ودخلت في عوالم التجريب. وفي رأي المتواضع، نحتاجُ إلى أن نعتقد في صناعة الفن فما زلنا نتعامل بالحس بعيدا عن الصناعة.

الفاتح ميرغني: إنتشرت مؤخراً أغنية "القمر بضوّي أنا شن بلاني بالنجوم"، إنتشارا كبيرا في وسائل التواصل الاجتماعي. هل في ذلك فال خير ببدء الآخر الإنتباه لموسيقانا وايقاعاتنا الصاخبة والدافئة والجميلة في آن؟
الموسيقار لؤي عبد العزيز: الموسيقي السودانية لاينقصها البريق والالق للفت انظار الآخرين لكن دائماً كانت ومازالت تعاني من مشاكل في الانتاج تشمل اسلوب التنفيذ وجودته والاجهزة الصوتية وحتي التصوير الذي اصبح جزءاً مهماً (فيديو كليب)، فجوهر الموسيقى السودانية مختلف وجاذب والدليل علي ذلك عندما تجد ظروف انتاجية متقدمة وفنان يمتلك الامكانات الفنية والمادية اللازمة تصل الي كل العالم بشكل أسرع من اي عمل آخر.... وخير دليل أغنية القمر بيضوي وعدد من الاعمال....

الفاتح ميرغني: عازف كمان عالمي يؤسرك وتتمنى أن تلعب معه، إن وجد؟

الموسيقار لوي عبد العزيز: عازفو الكمان كثر في العالم لكنني احببت الراحل ياهودي منهاين.

الفاتح ميرغني: لمن تحب الاستماع من بين هؤلاء العباقرة: باخ وموتزارت وبتهوفن؟

الموسيقار لوي عبد العزيز: أحب ان استمع اليهم جميعا، وإن كنت اميل إلى بتهوفن أكثر..

الفاتح ميرغني: شكراً جزيلاً أستاذ لؤي...
الموسيقار لؤي عبد العزيز: شكراً لك أستاذ الفاتح...

الفاتح ميرغني: محرر أول في بان اورينت نيوز
حقوق النشر محفوظة إلى بان اورينت نيوز



لقاء خاص