السياسة اليابانية في أفريقيا والشرق الأوسط ومصر

الدكتور جوزيف أمين رامز

طوكيو- الجمعة 28 إبريل 2017 / بان اورينت نيوز
الكاتبة/ مايومي مورايشي

نظّم نادي اليابان للمراسلين الأجانب ندوة بعنوان "السياسة اليابانية في أفريقيا والشرق الأوسط ومصر"، تحدث فيها الدكتور جوزيف رامز أمين، المستشار الإعلامي السابق للسفارة المصرية في اليابان، حيث تطرق إلى مصالح اليابان وسياساتها في المنطقة على مختلف الأصعدة، وركز على علاقات اليابان ومصر مع عرض تاريخي لروابط البلدين.

وسلط الدكتور أمين في حديثه بحضور عدد من الصحفيين اليابانيين والأجانب، الضوء على دور اليابان في التنيمة الأفريقية من خلال مبادرة مؤتمر طوكيو الدولي للتنمية الأفريقية (تيكاد) الذي يُعقد كل 3 سنوات. وفي هذا الصدد، قال إن "المصالح اليابانية في أفريقيا، التي هي محط تنافس القوى الدولية حالياً، اقتضت إنشاء مبادرة تيكاد في عام 1993" الذي عقد ست مرات وكان آخرها في كينيا في أغسطس الماضى.

ويُعد مؤتمر تيكاد بمثابة منتدى دولى لمناقشة التنمية الأفريقية، حسب الدكتور أمين الذي قال إن "ميزة اليابان في أفريقيا تكمن في أنها تدرب الأيدي العاملة بالقارة، فقد تم تأهيل حوالي 1500 شخص قيادى وتدريب 30 ألف عامل".

وتهدف اليابان لزيادة استثماراتها في القارة، وهو ما ظهر في مؤتمر تيكاد الخامس في يوكوهاما في يونيو 2013، حيث دعا إعلان يوكوهاما إلى تحقيق نمو سريع وتنمية مستدامة وتقليل الفقر في أفريقيا.

وعن مؤتمر تيكاد الأخير، قال أمين إن "اليابان تزاحم الصين باستثمارت قدرها 30 مليار دولار لغاية عام 2018 في القطاعين العام والخاص، لتحسين البنية التحتية". وقال إن تيكاد الأخير ركز على التصنيع، تحسين الخدمات الصحية، تحقيق استقرار أفريقيا، ودفع التبادل التجارى الذي بلغ بين اليابان ودول أفريقيا 27.5 مليار دولار، مقابل 200 مليار دولار مع الصين.

وركزت المشروعات على منشآت النقل والمرافق العامة، مثل الموانئ والمستشفيات والمدارس. هذا فضلاً عن مساعدات في مجال الزراعة والاستفادة من الموارد الهائلة في القارة.

وأشار أمين أن نقطة الانطلاق لليابان هي تحقيق التعاون الاقتصادى في إطار أفريقيا أكثر ديناميكية حيث تسعى طوكيو إلى تحقيق النمو الأفريقي وزيادة سوق الصادرات وتوفير البنية التحتية وتدريب السكان والوقاية من الأوبئة.

اليابان والشرق الأوسط

نقاش مع المراسلين

وعن سياسة اليابان تجاه الشرق الأوسط، قال أمين إن السياسة اليابانية تتماشى مع السياسة الأمريكية في المنطقة لاسيما في القضايا المحورية. وأشار أن المصالح اليابانية في المنطقة تتمحور بشكل أساسي حول تأمين إمدادات مستقرة من النفط وكذلك المعادن – النحاس، الرصاص، والألمنيوم. وتنظر إلى العالم العربي كسوق هامة كبيرة لصادراتها واستثماراتها، مع تركيز على قضايا التنمية المجتمعية سياسياً وإقتصادياً واجتماعيا.
وفي سياق الصراع العربي الإسرائيلي، قال "تسعى اليابان لدعم القرارات الدولية ودعم عملية السلام وتقديم المساعدة للشعب الفلسطينى. وبناء الثقة بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى". وفي هذا السياق، أشار إلى مبادرة رئيس الوزراء الياباني السابق جونتشيرو كويزومى عام 2006 والتي حملت اسم "ممر للسلام والازدهار".
وعن موقف اليابان من إسرائيل قال أمين "رغم أن علاقات اليابان مع إسرائيل مميزة خاصة في مجال تقديم المنح للطلبة والتعاون الفني والعلمى المتميز، لكن طوكيو تحاول أخذ موقف محايد".

وتحدث الدكتور أمين عن مشاركة اليابان فى الحرب على العراق وسحب قواتها مطلع عام 2010, وأنها جمدت التعاون الاقتصادى مع العراق بعد غزو الكويت. و"تأخذ حالياً موقفاً معتدلا بغية تحقيق الاستقرار فى العراق, من خلال دعم جهود الوفاق الوطني وإعادة الاعمار".

وبخصوص موقف اليابان من "حركة الربيع العربي"، قال أمين إن "اليابان دعمت العمليات الانتخابية خاصة فى مصر وتونس من خلال إرسال خبراء، والسياسة الجديدة التي يتبعها رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي في المنطقة تتواءم مع المتغيرات العربية.

وعن العلاقات مع السودان، ذكر أمين أنه في أعقاب اتفاق السلام عام 2005، برز دور وكالة اليابان للتعاون الدولي (جايكا). وتشارك اليابان بقوات لحفظ السلام في جنوب السودان. وأشار أمين أن اليابان تتخذ سياسات معتدلة حالياً خاصة في كل من سوريا واليمن والسودان.

وأشار الدكتور أمين أن اليابان تحتفظ بعلاقات جيدة مع إيران، فهناك مصالح ضخمة بين البلدين حيث أن إيران هي مصدر هام من واردات النفط اليابانية، وهناك حوارات مستمرة بينهما.

وعن آليات التعاون العربي الياباني، أشار أمين إلى المنتدى الاقتصادى, الذي تأسس في عام 2004، ومنتدى الحوار الياباني- العربي، تأسس عام 2003, الذي يناقش المحاور السياسية والاقتصادية والثقافية والتعليمية.

العلاقات بين اليابان ومصر

بعثة ساموراي يابانية بمصر عام 1862

وفي الندوة، خصص الدكتور أمين حيزاً كبيراً نسبياً للحديث عن العلاقات المصرية اليابانية، مشيراً إلى وصفها من قبل السفير المصري الحالي في طوكيو السيد اسماعيل خيرت بأنها"صداقة قوية جداً". وقال أمين إن تاريخ العلاقات بين البلدين يعود الى القرن التاسع عشر، حين زارت بعثة ساموراى مصر في عام 1862. وتم افتتاح سفارتي البلدين في الخمسينيات. وأشار إلى الزيارات المتبادلة وأهمها زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي اليابان في 28 فبراير 2016 وزيارة رئيس الوزراء شينزو آبي لمصر في يناير عام 2015. وأشار إلى المؤسسات الثقافية اليابانية والمصرية مثل المركز الثقافى الياباني بمصر والمكتب الثقافى المصرى بطوكيو والنشاطات ذات الصلة مثل تنظيم احتفالية افتتاحية دار الأوبرا 1994، "عام مصر في اليابان" في عام 2000. وإضافة إلى ذلك التعاون بين البلدين على مستوى التعليم العالي بالجامعات وتأسيس الجامعة المصرية- اليابانية للعلوم والتكنولوجيا في عام 2009، وقد تخرّج منها حتى الآن حوالى 69 باحثاً. وهناك مشروع المتحف الكبير الذي سيتم افتتاحه في 2018، وهو من أهم المشاريع التي تساهم اليابان بنصف تكلفته وتبلغ حوالى 400 مليون دولار.

وعلى صعيد العلاقات السياسية والاقتصادية، قال أمين إن العلاقات بين البلدين "تتميز بالقوة والمتانة ومصر هي محور التحرك الياباني فى المنطقة ودولة مهمة لتحقيق الاستقرار وفقا لرؤية اليابان". وأضاف إن "مصر تجري حواراً استراتيجياً مع اليابان إلى جانب الولايات المتحدة وروسيا والصين والهند... وهناك وجهات نظر متطابقة مع مصر فى مجالات نزع السلاح وحفظ السلام وحماية البيئة والحوار بين الحضارات والثقافات والأديان".
وأشار أن العلاقات الاقتصادية يبن البلدين تعود إلى عام 1982. وفي العصر الحديث، قدمت اليابان قروضاً ومنحا تتجاوز 3.5 مليار دولار، وتجاوز حجم التجارة الثنائية أكثر من مليار دولار في عام 2014. وذكر أن الاستثمارات اليابانية في مصر تبلغ حوالى 771 مليون دولار، منها 385 مليون دولار في مجال النفط فقط. وهناك مجلس رجال الأعمال المصرى- اليابانى منذ 1982.

وأشار الدكتور جوزيف أمين إلى المساعدات اليابانية لمصر ومنها في مشروع "توشكي", التي "بلغت 570 مليون دولار. وفي مجال السياحة، أشار أن السياحة اليابانية إلى مصر تقلصت في الفترة الاخيرة ويُنتظر عودتها بقوة.

وعن محاور العلاقات بين البلدين، قال الدكتور أمين "يتمثل الهدف في تعظيم الاستثمارات اليابانية المصرية والشراكة بين القطاع الخاص فى البلدين... وسجلت زيارة الرئيس السيسى لليابان مرحلة جديدة من إنهاء التردد فى العلاقات وصاحبها دعوته لإلقاء كلمة في البرلمان". وقال إن "مصر تريد نقل تجربة اليابان وهي تحقيق النمو والتطور والمحافظة على القيم الفريدة". وأشار أن العلاقات تركز أيضاً على محاور رئيسية في الاقتصاد والتعليم والرعاية الصحية. و"هناك أيضاً التعاون الإقليمى والدولي بين البلدين بإعتبارهما عضوين غير دائمين فى مجلس الأمن حالياً. ومن المحاور الهامة محاربة التطرف والإرهاب، زيادة الاستثمارات، دعم مشاريع التنمية، تقديم القروض. وفي ختام كلمة الدكتور أمين في الندوة، جرى حوار مع الحضور.

بان اورينت نيوز



اليابان والدول العربية