النيابة تدعو زوجة كارلوس غصن للمساءلة الطوعية واحتمال مغادرتها اليابان

غصن وزوجته في التلفزيون الياباني

بقلم خلدون الازهري
/طوكيو- الأحد 7 ابريل 2019/ بان أورينت نيوز
في تطور مثير كشفت تقارير صحفية يابانية أن زوجة كارلوس غصن، الرئيس السابق لشركة نيسان والمعتقل حالياً، قد تكون غادرت اليابان على جناح السرعة لتفادي خضوعها لتحقيقات تتعلق بدفعات مالية تلقتها شركتها المسماة (بيوتي يخت Beauty Yacht) ومركزها في بيروت، من شركة "دمية"، على حد وصف اليابانيين، يملكها زوجها، فيما يعتبر نقطة انعطاف في التحقيقات التي تستهدف كشف ملابسات تعاملاته المالية "المشبوهة".

ونقلت تقارير في طوكيو بأن المدعين العموميين طلبوا من زوجة غصن الإجابة الطوعية على بعض الإسئلة وبأنها لم ترد وبقيت غائبة فيما يثير احتمالات مغادرتها اليابان.

ويريد الإدعاء العام الياباني معرفة المزيد من التفاصيل عن استلام شركة زوجة غصن 900 مليون ين تقريبا (مايزيد عن 8 مليون دولار) من شركة (دمية) في لبنان كانت قد استلمت تحويلات مالية بملايين الدولارات من شركة يملكها الملياردير العُماني سهيل بهوان وشركة غود فيث انفستمنت Good Faith Investment اللبنانية وكلاهما حصلتا على تحويلات مالية من شركة نيسان يَشكُ المحققون في مبرراتها.

واضافت التسريبات بأن شركة زوجة غصن مختصة بشراء القوارب الفخمة والدافعات (الموتورات) المائية السريعة. وكان المدعون العموميون صادروا الهاتف الجوال وبعض الأوراق من زوجة غصن يوم الخميس الماضي (4 ابريل) عندما اعتقلوه للمرة الثانية من منزله، فيما اثار احتجاجاً كبيرا من محامي غصن.

ويقول محللون بأن تجاوب، أو عدم تجاوب، زوجة غصن في طلب الإجابة الطوعية على أسئلة قد يؤدي الى تطورات دراماتيكية في القضية، ولاسيما بعد تأكيد محكمة طوكيو اعتقال غصن لغاية الرابع عشر من الشهر الحاري على اقل تقدير، إضافة إلى استبعاد إمكانية اطلاق سراحه بكفالة.

وكانت التسريبات الجديدة من الادعاء العام أفادت بأن التحويلات العمانية وغيرها ارسلت أيضا الى شركة استثمارات مسجلة باسم ابن غصن ومركزها في الولايات المتحدة، وبأن غصن كان مدينا لشركة سهيل بهوان العماني بنحو 30 مليون دولار وبأن نيسان حولت له لاحقا نحو 32 مليون دولار "فيما يوحي بأن غصن دبر عملية اختلاس بالتواطؤ مع تلك الشركات التي تقدم له قروضا بالملايين لحساباته الخاصة او لشركات تابعة له، وتستردها من شركة نيسان".

وتركز جميع وسائل الاعلام اليابانية حاليا على دور الشركة العمانية ورئيسها سهيل بهوان في مزاعم تحويلها ملايين الدولارات الى غصن في صفقة مشبوهة مزعومة، اضافة الى كشف المزيد عن بقية الشركات.

وقد تحدثت تقارير في طوكيو عن استلام النيابة العامة نسخ بريد إلكتروني الى عنوان غصن تتضمن بعض الإشارات إلى تلك العمليات والصفقات المالية. وأكد المدعون العموميون أنهم اطلعوا على تفاصيلها كما وردت من مسؤول كبير في الشركة العمانية إلى أحد المساعدين المقربين من غصن عن تحويلة مالية غير قانونية مزعومة استلمتها (الشركة العمانية) من فرع نيسان Nissan Middle East FZE في الإمارات العربية المتحدة، وبأن تلك الرسالة تعتبر "دليلاً هاماً" على معرفة غصن بالتحويلة المشبوهة إلى الشريك العماني سهيل بهوان.

رقمياً، تميل النيابة العامة اليابانية إلى اتهام غصن باستخدام فرع نيسان المذكور في الإمارات بتحويل 15 مليون دولار إلى شركة سهيل بهوان العمانية في الفترة الواقعة بين ديسمبر 2015 و يوليو 2018، وبأن 5 ملايين دولار من ذلك المبلغ جرى تحويله إلى شركة جي إف آي (Good Faith Investment) الاستثمارية التي يملكها غصن عملياً في لبنان.

وأفادت تقارير طوكيو بأن النيابة العامة اليابانية صادرت كمبيوتراً شخصياً من منزل كارلوس غصن في بيروت عام 2018 تضمن تفاصيل تحويلة استلمها مساعد غصن من شخص هندي يتولى مركزين تنفيذيين في كل من شركتي جي إف آي و شركة سهيل بهوان العمانية. ووصف التقرير بأن بهوان هو "أحد أصدقاء" غصن.
وتابع التقرير الياباني بأنه جرى تحويل أموال من شركة نيسان اليابانية إلى شركة جي إف آي "وهي شركة دمية" على حد وصف التقرير، ومن ثم إلى شركة بيوتي يخت التي تملكها زوجة غصن، وشركات غيرها، وبأنه توجد شكوك باستخدام جزء من المبلغ لشراء يخت استخدمته عائلة كارلوس غصن.

وتنقل التسريبات عن المدعين العموميين أن كارلوس غصن رتب عدة مرات مابين أعوام 2015 و 2018 استلام شركات تابعة له نسبة من المبالغ التي أرسلتها نيسان إلى إحدى شركات التوزيع خارج اليابان، وتحديداً 5 ملايين دولار من أصل 15 مليون.

ولم يذكر المدعون العموميون في طوكيو رسمياً إسم سهيل بهوان العماني لكن مسؤولين في شركة نيسان سربوا إسمه إلى الصحافة اليابانية وبأن شركتهم أجرت تحريات في شبهات تحويل غصن لنفسه ملايين الدولارات عن طريق شركة سهيل بهوان اوتوموبيل. وجرت ايضاً تحريات فيما إذا ساعدت تلك الشركة العمانية كارلوس غصن على شراء يخت وفيما إذا ساهمت أيضاً في تمويل جزئي للشركة المسجلة باسم إبن غصن. ونقلت وكالات جيجي برس ونيكاي اليابانية بأن شركة سهيل بهوان لم ترد على أسئلتهم المتعلقة بالموضوع.

وكان محامي غصن، هيروناكا، قد فند صحة تلك المزاعم بقوله أن موكله قد حصل على إطلاق سراح بكفالة بعد إجراء تحريات متعلقة بالشركة العمانية وتحويلاتها.

ويوم الأحد تواصلت التسريبات ضد غصن بدون أي دليل أو إعطاءه حق الرد وتضمنت أن سهيل بهوان قد أعفي من دفع الفوائد إلى شركة نيسان بتدخل شخصي من كارلوس غصن. والتفاصيل أن نيسان وضعت نسبة فائدة قدرها صفر بالمئة على الدفعات المستحقة على تلك الشركة العمانية في عام 2009 ولغاية سنة 2012، وبأنه رغم تعديل النسبة لاحقاً فقد بقيت دون المستويات التي تفرضها شركة نيسان على بقية المتعاملين معها فيما وصفه أحد مسؤولي شركة نيسان بأنه "أمر لايُصدق بأن نعطي الشركات المتعاملة معنا هذه الحسومات، لولا تدخل غصن شخصياً لصالح الشركة العمانية".

وتفيد تسريبات إضافية عن الموضوع في وسائل الإعلام اليابانية بأن النيابة العامة في طوكيو تجري تحريات فيما إذا كان هناك ارتباط بين هذه المعاملة الخاصة التفضيلية للشركة العمانية ومايشاع عن استدانة غصن مبلغ 30 مليون دولاء من شركة سهيل بهوان في عام 2009. واضافت التسريبات بأن غصن قد يكون سدد ذلك الدين من الصندوق الاحتياطي الخاص الذي أسسه بنفسه ليكون تحت تصرف المدير التنفيذي لنيسان أي له شخصياً، وذلك اعتباراً من عام 2012.

وإضافة إلى المزاعم المتعلقة بالشركة العمانية مازالت النيابة العامة في طوكيو تحقق في شكوك أن غصن أخفى دخله الحقيقي بمقدار 80 مليون دولار تقريباً لمدة 8 أعوام لغاية مارس 2018، وبأنه طلب من شركة خالد الجفالي السعودية تقديم كفالة مصرفية له بقيمة تقارب 14.7 مليون دولار لضمان حقيبة غصن في بنك شينسي بطوكيو بعد تعرضه لخسائر صخمة في مقايضة عملات نتيجة انخفاض قيمة الدولار الأمريكي إلى مجال 76 ين. وقال غصن لاحقاً أنه لم يعرض نيسان لأي خسائر فعلية وبأنه اضطر لذلك بهدف موازنة دخله في اليابان بالين وتحويلاته إلى الخارج بالدولار.

وقد نفى كارلوس غصن جميع التهم ضده جملة وتفصيلا وندد باعتقاله متهماً بعض مسؤولي شركة نيسان بتدبير مؤامرة ضده لمنع خطته دمج نيسان مع شركة رينو الفرنسية، فيما تواصلت انتقادات الحقوقيين والنشطاء لنظام "الاعتقال على ذمة التحقيق" المتبع في اليابان بدون محاكمة او إثبات التهم.

وكان غصن الذي يحمل ثلاث جنسيات البرازيلية والفرنسية واللبنانية، قد اعتقل في 19 نوفمبر 2018 على ذمة التحقيق في شبهات انتهاك قوانين مالية بعدم الإبلاغ عن كامل دخله وخيانة الأمانة فيما يتعلق بتحميل شركة نيسان خسائره الاستثمارية الشخصية، وجميع التهم تعود إلى عشر سنوات خلت ولغاية السنة الأخيرة 2018، وبمبالغ تصل إلى 90 مليون دولا غصن دفع غصن معظمها من صندوق خاص اسسه في شركة نيسان وأسماه "صندوق المدير التنفيذي" حيث ينفق منه كما يراه مناسباً، ودفع منه الملايين إلى المتعاملين مع نيسان وفروعها في دول عربية بينها الإمارات وعمان ولبنان.

ومنذ اعتقاله، أقيل غصن من منصبه كرئيس لشركة نيسان وميتسوبيشي موتورز، كما أقيل من منصبه كرئيس تنفيذي لشركة نيسان وشركة رينو. وتستعد شركة نيسان لإقالة غصن من عضوية مجلس إدارتها.

وفي 6 مارس أطلق سراحه بكفالة 9 ملايين دولار تحت شروط مشددة بينها عدم مغادرة اليابان واستخدام الانترنيت. لكن عادت النيابة العامة وألقت القبض على غصن في 4 أبريل بالتركيز على شكوك جديدة تركز على تعاملاته مع شركة الملياردير العماني سهيل بهوان.

وأدى اعتقال غصن، الذي كان له الفضل في إنقاذ شركة نيسان عندما كانت على وشك الإفلاس في أواخر التسعينيات، إلى هز تحالف السيارات الثلاثي الذي أنشأه والمكون من نيسان ورينو الفرنسية وميتسوبيشي موتورز. ويقول أصحاب نظرية مؤامرة أن رغبة غصن بدمج نيسان مع رينو يقف وراء استيقاظ النظام القضائي الياباني فجأة لاعتقال غصن وازاحته.

وأثار اعتقال غصن للمرة الثانية في 4 أبريل حفيظة الجهات التي تنادي بحقوق الإنسان وبعض الدوائر السياسية حيث انتقدوا نظام الاعتقال الياباني الذي يسمح بمايسمى "الاعتقال بهدف البحث عن تهمة" وبالتالي جعل غصن "رهينة" بيد العدالة بدون إتهامات واضحة ومحاكمة بل تسريبات إلى وسائل الإعلام اليابانية بدون إعطاء غصن فرصة للرد. (بان اورينت نيوز)



أعمال واقتصاد